الأربعاء، فبراير 18، 2009

ورد ورد

" شارع يقع على أحد جانبيه محل مكتوب على يافطته (ورد ورد) باللون الأحمر ، أمامه عدد من حوامل الورد و فى الناحية الأخرى تظهر بناية قديمة , شاب فى أوائل العشرينات يشترى ورد من سيدة فى أوائل الأربعينات من عمرها , يسير خطوتين يعطى الورد لفتاة فى نفس عمره , يشير برأسه للخلف و يبدأ بالكلام :

عارفة الست الظريفة اللى إشترينا منها الورد دى , متبحلقهاش كده , ليها حكاية غريبة جداً خلينى أحكيهالك , تعالى نقعد عالدكة دى و سيبينى أحكى و متقاطعنيش بالله عليكى
يمسح الدكة بمنديل و يستأنف حواره : إنتى عارفة إنى كنت ساكن هنا من كام سنة و حكايتها المنطقة كلها كانت عارفاها
بيقولك الست دى من أكتر من عشرين سنة كانت بتحب واحد و سابها , الحكاية لحد دلوقتى عادية ....لأ لأ متفهمنيش غلط عارف طبعاً إن الحكاية مؤلمة بس بتحصل .. صح بتحصل.. بس أكيد مع الناس التانيين يعنى مش معانا
المهم يا بنتى بيقولك البنت دى إتأثرت جامد و حاولت تصلح الحكاية مرة و إتنين و تلاتة
وسطط أصحابهم مفيش فايدة الولد أصلاً ولا عايز يشوفها ولا يكلمها طبعاً ساعتها ماكنش فيه موبيلات علشان يكنسل عليها أو تبعتله مسجات
يوم ورا إتنين عدى شهر مفيش فايدة
لحد ما البنت فى يوم من الأيام إشترت ورد و صممت إنها حتقابله مهما إن كان و راحت وقفت قدام بيت عمارته , اليوم عدى بحاله و البنت مش واخدة على الوقفة ولا عمرها ما إتعرضت فى حياتها لكمية المعاكسات و الأستفزازات دى ، بس مهمهاش لدرجة إنها نامت على الدكة اللى قدام العمارة , الدكة اللى إحنا قاعدين عليها دى و عمارتهم أهه اللى قدامنا دى
صحت تانى يوم شعرها منكوش و بردانة مستنية بالورد و الولد برضوه مظهرش
أهلها قلبوا البلد عليها لحد ما جابوها من قدام البيت ووردها دبلان فى إيديها و دموعها مغرقة الورد
ماهو أصلك يا عبيطة الدموع دى بتبقى مالحة مينفعش تسقى الورد
خلاص خلاص انا سخيف جداً معلش
أهلها حاولوا يعقلوا فيها مفيش فايدة
حاولوا مع أهل الولد , الولد قالها بكل بساطة إنه مبيحبهاش و إنها كانت مجرد قصة و عدت
البنت مسلمتش تقوليش كان ساحرلها , أبوها حلف إنها لو راحت لأبن الكلب ده تانى لا هى بنته ولا يعرفها
البنت سابت البيت وراحت إستنت قدام باب العمارة و معاها الورد و شنطة هدومها
تقريباً هية كانت متخيلة إنه لو شافها و معاها بوكيه الورد حيضعف و يحن و يرجعلها , متعرفيش كان أيه اللى فى دماغها وقتها
بس مفيش فايدة ........
البنت كانت بتاكل وهية واقفة فى مكاتها , تدخل حمام القهوة اللى جنب البيت لزم وسط نظرات الرجالة و الشنبات , الناس بيقولوا إن أبوها و أمها كانوا بييجوا كل يوم و يحاولوا يقنعوها بالذوق ساعات و بالعافية فى الأغلب مفيش فايدة برضوه
حقهم الصراحة بس البنت كانت بتصوت و تعمل فضيحة فى الشارع كله
أبوها إتأكد إن بنته خلاص إتجنت ، عجز عشر سنين بقى ييجى يقعد عالقهوة علشان يضمن أن محدش يضايقها يبعتلها أكل تسيبه جنبها لحد ما الجوع يقرصها تاكل اللى يسد جوعها و تسيب أغلبه , أبوها وصى عليها أهل الشارع كلها و سابها و مشى بعد ما العجز هدُه
حقولك حاجة قمة المسخرة , العمارة كان ليها باب تانى من الجنب إستحالة إنك تشوفيها من الزاوية دى لازم تلفيله , بجد والله تعالى لما أوريهولك حتى , البنت ماكنتش عارفة بوجوده , أهل المنطقة كانوا عارفين طبعاً , مقولولهاش ليه متعرفيش إتفاق ضمنى إن الناس كلها مرضتش تقولها , يمكن حسوا إن البنت ممكن تتجن زيادة و تقسم نفسها نصين قدام كل باب
البنت كانت مجنونة و تعملها محدش كان فاهم أو عارف هية بتعمل كده ليه
متعرفيش برضوه مين إبن الحرام اللى قال للولد على وقفة البنت دى , غالباً حد من أصحابه شافها و قاله
عارفها هو كان ممكن يسبها عادى لو شايف إن مفيش نصيب أو أكتشف إنه مبيحبهاش بس اللى انا بلومه عليه فعلاً إنه كان ممكن ينزل و يقولها على كل حاجة و خلاص خلصت الحكاية
سمعت برضوه إن ناس كتير حاولوا معاه بس هو مرضيش , أكيد هو خاف لحسن تقتله أو تنتحر
انا بحكيلك الحكاية بس اللى فى دماغ أبطالها مفيش حد يقدر يقولك عليه غيرهم
البنت أول ما فلوسها خلصت كانت المفروض تعقل و ترجع لأهلها بقى , بس إستمرت فى عنادها و جنانها و إبتدت تبيع فى دهبها و مع أخر حتة دهب ليها إختفت ليوم كامل و رجعت تانى يوم بعربية مليانة ورد فرشته كله على الرصيف
ووقفت فى الشارع فى نفس مكانها هنا كده بالظبط و إبتدت تنادى بصوت مبحوح و مكسوف ورد ورد
هى حتى مجلهاش الجرأة إنها تبتكر أى جملة دعاية علشان تبيع الورد بتاعها
بس فى أول يوم الورد اللى معاها كان كله خلص , كل اللى فى الشارع إشترى منها , أمها جت و قعدت تلومها على اللى عملته فى نفسها و فى عيلتها مفيش فايدة , حاولت تديها فلوس البنت مرضتش برضوه
البنت نقت أحلى بوكيه ورد و شالته جنبها كان عندها أمل إن الولد ممكن يظهر فى أى لحظة
تلات سنين أه والله تلات سنين و البنت على نفس وقفتها , البنت كانت بتبات فى القهوة بعد ما القهوة تشطب تصحى قبل ما القهوة تفتح بساعة , تغسل وشها و ترش جسمها بشوية مية و ترجع لنفس مكانها و تنادى ورد ورد
أخيراً شافته , الولد نازل من باب العمارة اللى بتستناه قدامه و فى أيده بنت زى القمر و فى أيديهم اليمين الدبلة
تفتكرى الولد نسى و نزل من الباب ده ولا عملها متعمداً
سؤال من الأسئلة اللى محدش عارفها
بيقولك الشارع كله كان واقف على رجل , الناس كانوا عارفين إن الواد خطب و محدش كان قادر يقولها علشان متروحش فيها
عارفة ساعات الواحد لما بيعيش مع خياله بيبقى أحسنلك تسييبه فيه متصحهوش علشان متأذهوش
الولد قرب منها بثبات و بص فى عينيها و عينيه مبربشتش حتى , تفتكرى إنه كان نساها فعلاً أو كان عارف إنها هية و كان عايز يقولها إنه خلاص فينيتو بس قالهالها بطريقة مميته , أو يمكن ماكانش مصدق إنها فعلاً السنين دى كلها كانت بتستناه قدام بيته
خطيبته كانت بتمد أيديها علشان تاخد بوكيه , البنت وقفتها و إدتها البوكيه اللى يوم ورا يوم بتعملهوله مخصوص
و قالتلها خديه ميغلاش عليكى ... هدية منى والله
تفتكرى كان قصدها عالولد ولا عالبوكيه ؟؟
الناس إتلموا حوالين البنت , كانوا خايفيين ليجرالها حاجة , إنتى عارفة الشعب المصرى عاطفى و يموت فى المواقف اللى زى دى ,
محدش منهم كان قادر يقتنع باللى بتعمله بس كانت صعبانة عليهم فعلاً
البنت كان وشها مش باين عليه , إبتدت تنادى ورد ورد
شوية شوية صوتها إبتدى يتخنق و مش قادرة تكمل كلمة ورد و سابت فرشتها و مشت
كله قال خلاص الحكاية خلصت
بس تانى يوم البنت رجعت بورد جديد بدل اللى اللى دبل عالرصيف و إبتدت تنادى ورد ورد زى الأول
بيقولوا ورد ورد منها كانت طالعة مجروحة منها , ورد فيها دم من لون الورد البلدى
بقت عالوعد و خلت بوكيه ورد بتعمله بنفسها أول ما تبدأ شغلها
مبقتش تسلم لبتوع البلدية زى زمان و تسيبهم يشيلوا فرشتها و تفضل بس حاضنة البوكيه بتاع الولد
المحل اللى كنا فيه ده أخدته من عشر سنين بعد عشرة زيهم و يمكن أكتر كمان قضتهم فى الشارع , أمها ساعات بتيجى تقف معاها فى المحل و هية رجعت بيت أهلها بعد ما أبوها إتوفى و أمها إترجتها إنها متسيبهاش لوحدها
الولد إتجوز خطيبته و خلف منها بنتين زى القمر كنت بشوفهم ساعات لما كان بييجى يزور أبوه و أمه أيام ما كنت ساكن هنا
الناس بيقولوا إن أكتر من واحد إتقدملها و هية مرضتش
الناس برضوه بيقولوا إنها نادر أوى لما بتتكلم و إن وردها مبيدبلش

......................................................................................
من مشروع كتاب بعنوان ( مكان فى حكاياتكم- مونولوجات) يدينى و يديكم طولة العُمر و أخلصه فى الألفية التالتة إنشاء الله

5 Comments:

Blogger روز said...

مؤلمة أوي يا محمود..
الحكي حلو، وكالعادة ما شاء الله يعني بتعرف تقول اللي صعب إنه يتقال رغم إنه جوانا، بتعرف تعبر عنا يعني..
الموقف مؤلم للغاية..
***
أما بقى بالنسبة لكتابك، فيدينا طولة العمر ونصبر عليك، وأهي الألفية التالتة مش بعيدة!
..
الحكاية مؤلمة..

18/2/09  
Blogger Me , The great rady said...

منتهي الروعه بس منتهي الحزن و تقطيع القلب.

عاجبني اسلوبك بس ف الفانتازيا

ع فكره انا راضي بتاع طب اسيوط و الافلام . انا متابعك عشان شايف ان كتاباتك منتهي الفانتازيا الواقعيه

حلو بوست الموبايل بالمناسبه

18/2/09  
Anonymous غير معرف said...

المرة دي مش ممكن
بجد

18/2/09  
Blogger !.....dreams but said...

إنت دايما كده
أفكارك غريبه بس حلوه
وتخلي الواحد يفكر
ياتري هي كانت حاسه بإيه ؟
وهو كان حاسس بإيه ؟
والناس إزاي نظرتهم وتصرفاتهم بتتغير؟
وإزاي كمان رد فعلها كان غير متوقع ؟
مش عارفه بس عموما مواضيعك بيبقي ليها جانب كده مش باين
كل واحد يشوفه بالطريقه اللي تعجبه

20/2/09  
Blogger Enas Abulibdeh said...

"You can erase someone from your mind. Getting them out of your heart is another story"

23/5/09  

إرسال تعليق

<< Home

Free Web Site Counters