الاثنين، ديسمبر 01، 2008

قلب الدنيا

بذلت جهداً فى التودد إليها ، ولاشك أن دوافعى كانت جلية ولكن ربما كان ذلك رصيداً إيجابياً فقد كانت تعرف إننى وقعت فى هواها و ربما شكلت الحقيقة القائلة بأننى لم أتعجلها ولم أجبرها على أن تعلن مشاعرها نحوى ثقلاً أكبر فى إقناعها بجديتى من أى شىء أخر.و مع ذلك فلم يكن بمقدورى الأنتظار إلى الأبد . فللحذر دوره ولكن الكثير منه يمكن أن يكون قاتلاً. و قد جاءت لحظة كان بمقدورى فيها الشعور بأننا لم نعد نتصارع و إنما الأمور بيننا قد استقرت . وعندما أفكر فى هذه اللحظة الأن فإننى أميل إلى إستخدام لغة الحب التقليدية . أريد أن أتحدث بلغة مجازية قوامها السخونة والأحتراق والحواجز التى تنصهر فى مواجهة العواصف التى لا تقاوم و إننى أدرك كيف أن هذه التعبيرات قد تبدو مبالغاً فيها ولكننى أعتقد إنها دقيقة فى نهاية المطاف فقد تغير كل شىء بالنسبة إلى والكلمات التى لم يسبق لى أن فهمتها قط بدأت فجأة تكتسب معنى . و قد جاء هذا بمثابة إكتشاف لى و عندما أتيح لى أخيراًً الوقت لأستيعابه رحت أتسائل كيف عشت كل هذا العمر من غير أن أتعلم هذا الشىء البسيط . ولست أتحث عن الرغبة بقدر ما أتحدث عن المعرفة عن إكتشاف أن شخصين يمكنهما من خلال الرغبة أن يخلقا شيئاً أعظم قوة مما يمكن لأى منهما أن يخلقه منفرداً . و أحسب أن هذه المعرفة قد غيرتنى و جعلتنى أشعر بالفعل أشعر بإنسانيتى على نحو أكبر . و من خلال الأنتماء إلى صوفى بدأت أشعر و كـأنى كنت أنتمى إلى الجميع كذلك . و تبين لى أن مكانى الحقيقى فى الدنيا هو موضع يتجاوز نفسى و إذا كان هذا الموضع فى أعماقى فإنه كذلك يستعصى على التحديد . لقد كان هذا هو الفاصل الصغير بين الذات و اللاذات وللمرة الأولى فى حياتى رأيت هذا اللامكان بإعتباره قلب الدنيا تماماً
ثلاثية نيويورك - الغرفة الموصدة
تأليف : بول أوستر
ترجمة : كامل يوسف حسين
دار الأداب

التسميات:

Free Web Site Counters